من أوجه وقاية طفلك من التحرش الجنسي إعداده نفسياً للمواقف التي قد تُفضي إليه، فلا يكفي أن تعلمه قوانين الوقاية، بل لابد من اختبار استيعابه إياها وقدرته على التعامل معها.
ضعه في مواقف خيالية واجعل له حرية التصرف فيها على ضوء ما علّمته إياه. تأكد من أنه اختار سلوكه في ذلك الموقف عن قناعة وليس لإرضائك حينها.
تفاعل معه في هذه المواقف، وحسّن طريقة تصرفه إن لم تكن مناسبة، وارفع معنوياته. تنبه إلى أن الغرض من وضع الطفل في مواقف خيالية هو اختبار طريقة دفاعه عن نفسه، فتكفيك الإشارة إلى مقدمات التحرش الشائعة، وسيعرف الطفل أن ما وراءها محظور.
وهذه بعض المواقف التي تساعدك في مهمتك هذه:
الموقف الأول
الأب: ماذا لو تضايقت من شيء، ماذا تفعل؟ ومع من ستتحدث؟
الطفل: أتحدث مع أمي مباشرة، فهي تعرف ماذا تفعل.
الأب: ماذا إذا لم تكن ماما موجودة؟
الطفل: أتحدث إليك أبي أو إلى معلمي.
الأب: ماذا عن قريبك والسائق، ألن تخبرهما شيئاً؟
الطفل: لا، لأن ماما وبابا ومعلمي يستطيعان حل كل المشكلات.
الموقف الثاني
الأم: ماذا لو حاول أحدهم اللعب معك برفع فستانكِ، ماذا ستفعلين؟
الطفلة: سأدفعه وأسحب فستاني.
الأم: لكنه يلعب!
الطفلة: ممنوع رفع الفساتين وخلع البناطيل يا ماما! عيب!
الموقف الثالث
الأب: ماذا لو وجدك شخص غريب أمام المدرسة أو باب المنزل وناداك ليسألك، كيف ستجيبه؟
الطفل: لن أذهب إليه، أنا لا أتكلم مع الغرباء.
الأب: حتى لو كان ضائعاً أو يريد أن تحمل معه أغراضاً للمنزل؟
الطفل: سأنادي له شخص كبير ليساعده.
الأب: ماذا لو أرسلته أنا؟
الطفل: لن أقترب منه حتى يقول كلمة السر التي اتفقنا عليها!
من حيل استدراج الأطفال أوقات الخروج من المدرسة أو عند وقوفهم أمام باب المنزل أو في مواقع الأنشطة العامة كالنوادي مناداتهم الأطفال بأسمائهم التي سمعوها من الأطفال الآخرين أو التلطف معهم ببعض الكلمات وإخبارهم أن ماما أو بابا أرسلوهم لإرجاعهم للمنزل.
ومن الحيل الذكية لمواجهة هذه الحيلة هي الاتفاق مع الطفل على كلمة سرّ يخبر بها الوالد من يرسله لنقل الطفل أو التحدث إليه، يسأل الطفل عنها، فإن وافقت الكلمة التي يعرفها ذهب معه، وإن لم توافق تصرف بالطريقة التي علّمه أبوه:
الركض إلى داخل المنزل أو إلى المدير أو المدرب والإبلاغ عن هذا الغريب!
ماذا لو حاول هذا الغريب الاقتراب من الطفل حين يُكتشف أمره؟
يصرخ الطفل بأعلى صوته: حرامي! حرامي!
فإن أمسكه وكتم صوته؟!
عليه حينها ضرب الغريب في منطقته الحساسة بأقوى ما يستطع ثم يركض وهو يصرخ ليلفت الانتباه إليه.
الموقف الرابع
الأم: ماذا لو أعطاك أحدهم هدية أو حلوى وطلب منكِ أن لا تخبري أحداً بها، ماذا ستفعلين؟
الطفلة: أقول له شكراً، ولا أقبلها، وأخبرك مباشرة.
الأم: حتى لو قال لكِ أنه يحبكِ؟
الطفلة: أنا لا أحب الأسرار.
الموقف الخامس
الأب: ماذا لو حضنك أحدهم بقوة وقبّلك، ماذا ستفعل؟
الطفل: لا أحب ذلك وهذا يضايقني، سأحاول الابتعاد عنه.
الأب: لكنه يفعل ذلك لأنه يحبك!
الطفل: لكني لا أحب ذلك.
الموقف السادس
الأب: ماذا لو طلب منك أحدهم خلع قميصك أو بنطالك، ماذا تفعل؟
الطفل: أقول له لا طبعاً!
الأب: ماذا لو أراد أن يلعب معك لعبة الطبيب ويفحصك؟
الطفل: أقول له خطأ ممنوع! الطبيب الحقيقي فقط يفعل ذلك إن كنت مريضاً بحضور ماما أو بابا!
الموقف السابع
الأم: ماذا لو قال لكِ أحدهم أنه يريد أن يريك شيئاً جميلاً بشرط أن لا تخبري أحداً، ماذا ستفعلين؟
الطفلة: سأستأذنك منك.
الأم: ولو قال لكِ أنه استأذن مني ووافقت؟
الطفلة: لا، خطأ! لابد أن أسمعك بنفسي تسمحين لي بالذهاب معه.
الأم: لكنه يقول أنه شيء جميل ولا يريد أن تخبري أحداً به، واستأذانك مني سيفسد المفاجأة!
الطفلة: ألم أقل أني لا أحب الأسرار يا ماما؟!
الموقف الثامن
الأب: ماذا لو كنت تشاهد التلفاز أو تشاهد الآيباد مع أحدهم ومر مشهد غير طبيعي، ماذا ستفعل؟
الطفل: سأغلق عيني مباشرة وأنهض من مكاني.
الأب: لكنه شخص كبير ويقول إنه لن يخبرني بذلك!
الطفل: لكن يا بابا حرام، إذا لم تعرف أنت، الله يعرف!
يفرق الطفل بفطرته بين المشاهد الطبيعية وغير الطبيعية لقلة انتشار الأخيرة، فإذا ربطها مع قوانين الوقاية مثل حظر ااتقبيل ومنع تغيير الملابس أمام الآخرين ومنع الملامسة المباشرة بين الجنسين من عمر متقارب كالاحتضان ومنع اجتماع الجنسين في حوض سباحة واحد حتى لو كانوا أطفالاً، والالتزام بقواعد الاحتشام في الملبس، علم بوجود خلل يتطلب منه تغميض عينيه أو إخبار والديه بما شاهده وما سمعه إن كانت الحواجز بينهم ملغاة وأمنه النفسي مستقر.
عزز في نفس طفلك استشعار وجود الله معه، فهو يخافه قبل أن يخافك عندما يهدده أحدهم، ويدعوه قبل أن يلجأ إليك ليخلصه ويهبه قوة الدفاع، وينقذه إن غبتَ أنت عنه، وذلك كله إن أخذ بالأسباب.
كرر تدريب المواقف هذا بين فترة وأخرى، واقصص عليه القصص التي تسمعها عن أطفال خطفوا أو هددوا واطلب منه رأيه وكيف سيتصرف لو كان مكان ذلك الطفل المسكين.
تنبه إلى أنه وعلى أهمية هذا التدريب فإنه لا ينبغي تكراره إلا على فترات متباعدة حتى لا تزرع داخل طفلك الخوف والرعب وتهزّ أمنه النفسي واطمئنانه.